ما هي الفترة التي يبدأ فيها أداء حاسة السمع لدى الجنين في رحم أمه؟ كيف يتطور السمع خلال الأشهر الأولى من حياته؟ ما هي الحالات التي قد تستدعي القلق بخصوص وضع السمع لديه؟ كيف تتأكدون من أنه يسمع جيدا؟ إليكم جميع الأجوبة.
السمع لدى الجنين: يتطور منذ الأسبوع 24 من الحمل
يتعرف الطفل على العالم المحيط به ويوسع قدراته البدنية والذهنية بفضل حواسه الخمس. غير أن هذه الأخيرة لا تتطور كلها في نفس الوقت. تتطور حاسة اللمس أولا، عندما يطفو الجنين في السائل الأمينوسي في رحم أمه. ثم تليها حاسة الشم والذوق. ويأتي السمع في المرتبة الرابعة، متبوعا بالرؤية التي تتطور في أغلب الحالات بعد الولادة.
رغم أن السمع يتطور متأخرا عن اللمس والشم، إلا أنه يتميز بكونه حادا لدى الجنين في رحم أمه. فحسب المعطيات العلمية الحديثة، يبدأ أداء السمع لدى الجنين بين الأسبوعين 26 و28 بعد انقطاع الحيض، أي بين الأسبوعين 24 و26 من الحمل. صوت دقات قلب الأم، صوت تنفسها، أصوات أعضاء جهازها الهضمي… كل هذه الأمور التي نشعر بها، يتمكن الجنين من سماعها. وحسب العديد من الدراسات، فإن هذه الأصوات تبلغ مستوى يقارب 30 ديسيبل (وحدة قياس شدة الصوت)، أي ما يعادل الهمس في مكتبة عامة، على سبيل المثال.
ابتداء من الشهر 5 أو 6، يبدأ الجنين في سماع بعض الأصوات الخارجية القريبة (خصوصا صوت أمه)، الموسيقى أو أصوات المحركات (المكنسة الكهربائية، مجفف الشعر، السيارة، الدراجة النارية…). لذلك تنصح الأم بتفادي وضع السماعات مباشرة على البطن، أو الذهاب إلى حفلات موسيقية حيث يكون حجم الصوت مرتفعا جدا.
يتفاعل الجنين مع نبرة الصوت أيضا، لذا لا تتفادي في الحديث معه خلال الحمل بنبرات صوت مختلفة. وقد تحدثت الكثير من الأبحاث العلمية عن تخزين تلك التجارب السمعية للجنين. يستطيع الجنين تذكر صوت أمه وأبيه، وكذا بعض أصوات الموسيقى وغيرها من الأصوات المحيطة.
عند الولادة؟ كيف تعمل حاسة السمع لدى الرضيع؟
بما أنه كان يسمع وهو في الرحم بعض الأصوات، لذا فإن الرضيع لا يكتشف محيطه السمعي لأول مرة. إذ أنه يعرف مسبقا صوت أمه، الذي كان يسمعه خارج وداخل الجسم، وهذا الصوت هو الذي يطمئنه في هذا العالم المجهول ويخلق الرابط بين حياته كجنين وحياته كرضيع. كما قد تهدئه بعض الأنغام الموسيقية والأصوات المحيطة التي سمعها وهو في الرحم.
سيبدأ الصغير بعد ذلك في اكتشاف صوت جديد: صوته. يبدأ في إصدار أصوات عشوائية ليمر بعدها إلى بعض الحروف (با، ما…). غير أن عدم قدرة الرضيع على الكلام لا يعني عدم فهمه له. تماما كالكبار الذين يتعلمون لغة جديدة، إذ يفهمون الكثير من الكلمات المستعملة في الحياة اليومية لكنهم يعجزون عن التعبير بها بطلاقة. وفيما يخص نبرة الصوت؛ فإن الطفل يفهم معناها جيدا لأنه سمعها وهو في الرحم، لذلك يكون قادرا على التمييز بين التي تعبر عن الغضب، الفرح؛ إلخ.
تستطيعون مساعدة الطفل على تطوير حاسة سمعه منذ الولادة، وذلك بممارسات بسيطة، يقوم بها الكثير من الآباء دون وعيهم بأهميتها.
احرصوا أولا على تقليص الضجيج في الخلفية، وذلك بتفادي اشتغال التلفاز أو الراديو باستمرار دون الإنصات إليه. تفادوا أيضا وضع الموسيقى طوال اليوم، خصوصا عندما تتحدثون مع رضيعكم. تعمل هذه الضوضاء كطفيليات تمنع الرضيع من الاستماع إلى باقي الأصوات: صوت الطيور، المطر على الزجاج، صوتكم؛ إلخ.
ثم حاولوا تنبيهه إلى الأصوات اليومية المحيطة به: عندما تشغلون السيارة أو الدراجة النارية، غسالة الملابس، مجفف الشعر، نباح الكلب… خلال اللحظات المميزة مع الرضيع؛ كالحمام أو القراءة، غيروا نبرة صوتكم وغنوا له أغاني أو أناشيد تحبونها. كل هذه الأمور البسيطة تحفز سمعه وفضوله.
تطور السمع لدى الرضيع شهرا بعد شهر
مع مرور الأشهر، يتمكن الصغير من سماع أصوات أكثر؛ ما يمكن الوالدين من التأكد من أن طفلهم يسمع جيدا ولا يعاني من أي اضطرابات. في بعض الحالات، يظهر مشكل الصمم لدى الأطفال بعد بلوغهم السنة الثانية، لذلك لابد من مراقبته والانتباه إلى تفاعلاته حتى سن الثالثة.
من 0 إلى 3 أشهر: يتفاعل الرضيع مع بعض الأصوات المفاجئة بانتفاض جسمه، بفتح وإغلاق عينيه، بتغيير تعابير وجهه، بالبكاء…
من 3 إلى 6 أشهر: يبدأ الرضيع في إدارة وجهه إلى جهة الصوت. يتفاعل إذا وضعتم له موسيقى يحبها، كتلك التي تصدر عن لعبته المفضلة.
من 6 إلى 10 أشهر: يبدأ في إخراج بعض الأصوات. يتفاعل عند سماع اسمه ومع بعض الكلمات التي صار يعرفها جيدا: أمي، أبي، أكل، نوم؛ إلخ.
من 10 إلى 18 شهرا: يبدأ الرضيع في تقليد الأصوات ونطق بعض الكلمات كالتي ذكرنا قبلا. كما يصير قادرا على الإشارة إلى جسم معين بأصبعه إذا طلبتم منه ذلك، ويستطيع أيضا أن يذهب لإحضاره.
إن غياب واحدة أو عدة إشارات من المذكورة أعلاه، أو تأخر النطق فيما بعد؛ قد يعني إصابة الطفل باضطراب سمعي. إذا كان لديكم أي شك، فلا تترددوا في زيارة الطبيب لتطمئنوا. كما أن التدخل المبكر لعلاج هذا النوع من الاضطرابات، يجعل الطفل يتفادى مشاكل اللغة والتفاعل الاجتماعي لاحقا.